اعداد طلبة اليوم لعالم الغد

Adel Hajj Ali

بقلم: تشارلز نحاس المدير العام الإقليمي لمايكروسوفت الشرق الأوسط

دمج التكنولوجيا داخل الفصول الدراسية يسهم في تسهيل عملية التوظيف في مصرمستقبلاً

الطلاب الموجودون اليوم داخل الفصول الدراسية هم قادة المستقبل ، ولكن يكمن السؤال في مدى استعدادهم ليكونوا قادة في عالم يسوده التحول الرقمي في المستقبل ؟

لايمكن حجب الفوائد الكبيرة والثروة الغنية التي يدُرها العصر الرقمي الجديد عبر مايتيحه لنا من فرص تضمن لجميع المجتمعات تحقيق النمو والإزدهار ، فإذا تطرقنا بالحديث عن مصر على سبيل المثال ، فقد أشارت التقارير أن التحول الرقمي سيؤدي إلى نمواً كبيراً في الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 21 مليار دولار بحلول عام 2025 ، كما أنه سيساهم في خلق 945 ألف وظيفة (بنظام عمل كامل وليس جزئي) في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .

ولكن كي يصبح بمقدورنا أن نحقق أفضل استفادة من هذه الفرص المستقبلية ، لابُد لنا من تهيئة الشاب المصري بالمهارات اللازمة والعلوم المناسبة التي من شأنها أن تُعدهم بالشكل الصحيح لمواكبة متطلبات العمل في المستقبل ، ففي ظل التنافس والتسارع الكبير الذي نشهده اليوم في بيئة الأعمال من أجل إقتناء التكنولوجيا ، سيحتاج ما يقارب من 375 مليون شخص بحلول عام 2030 إلى تغيير نمط أعمالهم أو الوظائف التي يقومون بها الآن  ، لذلك تَعمد شركة مايكروسوفت من خلال العديد من المبادرات التي أطلقتها في مصر إلى  تنمية مهارات الشباب ، حيث قدمت خدمات التدريب والتوظيف إلى 1.4 مليون شاب منذ  عام 2012 ، وذلك من خلال تطوير 500 مركز عبر 27 محافظة مختلفة ،  بالإضافة إلى رفع مستوى قدرات 670  ألف شاب ، وربط أكثر من 12 ألف شاب بفرصة عمل ، فضلاً عن تدريب 122 ألف شاب خلال سنة واحدة (2019).

مما يعني أنه أصبح من الأهمية الضرورية أن يكون الطلاب في جميع أنحاء الجمهورية ليسوا فقط على استعداد تام لامتلاك المهارات التقليدية أو الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب ، بل أيضاً اكتساب مهارات العلوم ؛ والتكنولوجيا ؛ والهندسة ؛ والرياضيات في آن واحد ، فقد أصبحت الحاجة الى هذه المهارات مطلباً أساسياً للتكيف مع مجريات المستقبل ، ووفقًا لتقرير صدر عن المجلس الثقافي البريطاني في وقت سابق من هذا العام ، أفاد بأن مهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تعتبر عناصر رئيسية لتعزيز فرص النجاح وتحقيق الميزة التنافسية في المستقبل ، لذلك نستخلص من هذه الدراسات والأرقام بأنه لايُمكننا التعويل على امتلاك المهارات التقنية فقط ،  لأنها فعلياً لن تكون كافية لسد احتياجات ومتطلبات الوظائف المستقبلية الشاملة ، بل يستوجب الأمر أن يكون لدينا أجيال يمتلكون كلتا المهارات ، ويتمتعون أيضاً بالمرونة و الدوافع  الذاتية ليصبحوا قادة أكفاء قادرين على أخذ مكانهم الريادي في المستقبل.

قامت مايكروسوفت مصر من خلال شراكتها مع وزارة التعليم العالي ووزارة التعليم عبر السنوات بتطوير قدرات اكثر من  250,000 أستاذ ومعلم ، وذلك بهدف تمكينهم  من استخدام التكنولوجيا في  عمليتي التعليم والتعلم ،  كما دعمت أيضاً 12000 من أخصائين التطوير التكنولوجي في مصر عن طريق مساعدتهم في الحصول على شهادات دولية متقدمة.

وقد أصبح التحول الرقمي اليوم نهج ضروري قادر على تسهيل مهامّ التعليم  وتحويل الطرق التي يتعلم بها الطلاب  ، لذلك أصبح من الواجب علينا إعداد الطلاب بالمعرفة اللازمة والحديثة ليتمكنوا من مواكبة العصر الرقمي الجديد .

وفيما يلي أربعة فوائد من أسلوب دمج التكنولوجيا في الفصل الدراسي :

التعلم الشخصي

يستخدم المعلمون اليوم مجموعة مختلطة من تقنيات التعليم وكذلك أفضل أساليب وطرق التَّكيُف في عملية التعلم ، وذلك بهدف إنشاء قاعدة من الصفوف التعليمية التي تتسم بالشمولية والمرونة بما يتوافق مع احتياجات جميع الطلاب ، وتحت هذا الإطار من التعليم يتم تخصيص الدروس على النحو الذي يتناسب مع كل طالب على حده.

وفي ظل وجود أدوات مايكروسوفت مثل أدوات Office 365  و Teams ، أصبح بمقدور الطلبة التمتع بميزات عديدة كالمشاركة في الندوات وإقامة مجموعات صغيرة ، وكذلك تحويل طرق التعلم التقليدية إلى تجارب قادرة على خلق فرص حقيقية داخل الفصول الدراسية.  

التعلم بنمط اللعب

إكتسبت هذه الطريقة شهرة واسعة بسبب دورها الكبير الذي تلعبه في تشجيع وتعزيز مشاركة الطلاب في العملية التعليمية ، حيث تعتبر هذه الوسيلة ضمن أكثر الطرق الفعالة لتدريس علوم الكمبيوتر في المدارس ، فعلى على سبيل المثال يعمل برنامج “Microsoft MakeCode” على نشر علوم الكمبيوتر بين الطلاب وضمان تعلمهم بطرق ممتعة من شأنها تحقيق نتائج فورية ، كما أن المتعلم يستطيع أيضاً من خلالها تحرير النصوص البرمجية على مستويات مختلفة.

علماً أن الأهداف الحقيقية وراء تعلم علوم الكمبيوتر والتعلم عن طريق الألعاب مثل MakeCode هو تعزيز القدرة الإبداعية للطلاب ورفع مهارات المرونة والتعاون لديهم ، حيث أن هذه المهارات ستُؤهلهم لمواكبة متطلبات المهام الجديدة للقوى العاملة الحديثة.

ويعتبر حالياً تمكين الطلاب من تعلم علوم الكمبيوتر هو أحد أهم العوامل الرئيسية التي ستساعدهم لكي يصبحوا قادة ذو كفاءة عالية ، ويمتلكون القدرة على مواجهة التحديات والمتغيرات التي تتطلبها الوظائف المستقبلية.

وهذا ما أكده البنك الدولي نفسه من خلال التقرير الذي قدر فيه بأن كل وظيفة تقنية ستخلق 4.3 وظيفة أخرى عبر مختلف الصناعات، في حين وجد تقرير “مستقبل الوظائف” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن طفلين من بين كل ثلاثة أطفال سينتهي بهم المطاف إلى العمل في وظائف غير موجودة بعد.

وعلى الصعيد العالمي توفر المبادرات السنوية مثل “ساعة برمجة” (Hour of Code) فرصاً كبيرة للشباب لتعلم أساسيات البرمجة وعلوم الكمبيوتر وكذلك خوض تجربة البرمجة لأول مرة عن طريق استخدام وسائل ممتعة وبسيطة مثل لعبة “ساعة برمجة مع ماينكرافت” أو برنامج (Makecode) .

وقد عقدت مايكروسوفت في وقت سابق من هذا العام شراكة مع Code.org لتقديم دليل تعليمي جديد لبرنامج “ساعة برمجة مع ماينكرافت” ضمن فعاليات أسبوع علوم الكمبيوتر التعليمي المعروف باسم “Voyage Aquatic” ، والذي من شأنه أن يساعد الطلاب على تعلم البرمجة  بطريقة ابتكارية وأكثر تفاعلية ، و بالنسبة للمجتمعات التي التي يندر فيها الوصول الى خدمات الإنترنت ، فإن البرامج التعليمية الخاصة بـ “ساعة برمجة” متوفرة الآن ويمكن تحميلها دون الحاجة الى اتصال بالإنترنت.

الذكاء الاصطناعي للجميع (AI) for accessibility

عملت ثورة الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وإفريقيا على تمكين المدارس والمدرسين من تحقيق أقصى طاقاتهم ، حيث إن التطبيقات الموجودة في Office 365 تعتمد على قوة الذكاء الإصطناعي القائمة على سحابة مايكروسوفت الذكية ، بهدف تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي لتمكين المعلمين ودعم عملية التعليم على النحو الذي يحسن من القدرات التدريسية ونتائج التعلم.

الواقع المختلط

وهو عبارة عن مزيج يجمع ما بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي ، يُمكّن الطلاب من تجربة المناهج بطرق جديدة قادرة على تقديم رؤية شاملة للموضوع ، والانغماس في تجربة التعلم بطريقة مبتكرة كلياً تجعل المحتوى التعليمي أقرب للفهم والإستيعاب أكثر من أي وقت مضى.

على سبيل المثال ، تقنية الـ HoloTour ، والتي تعتبر احد منتجات ويندوز للواقع المختلط ، تسمح هذه التقنية للمتعلمين باستكشاف تاريخ روما أو الأسرار الخفية لمدينة  ماتشو بيتشو  المثيرة ، وبالمثل توفر تقنية  Masterpiece VR للمتعلمين فرصة للنحت والرسم عن طريق ميزات ديناميكية بديهية تتيح للمتعلم سهولة انشاء نماذج عالية الجودة تستخدم  فنون التصميم الصناعي والرسوم المتحركة والألعاب وغيرها.

تم تسخيير التكنولوجيا لتكون جزءًا دائمًا من حياتنا في المستقبل ، فتزويد المعلمين والطلاب بتكنولوجيا مميزة ومبتكرة وكذلك بمنصات رقمية تتيح لهم حرية الوصول إلى أفضل الأدوات التعليمية ،  كل ذلك يمنح المدارس والمنظومة التعليمية فرصة إلهام الطلاب لاطلاق العنان لطاقاتهم الكامنة.

لقد أصبح الآن بمقدور كل معلم أن يقوم بتدريس علوم الكمبيوتر ودمج التكنولوجيا في الفصول الدراسية. ولمعرفة كيف يمكن إعداد المعلمين بالقدرات اللازمة لدعم المنظومة التعليمية عن طريق علوم الكمبيوتر ، قم بتنزيل “دليل التطوير المهني لعلوم الكمبيوتر” الخاص بمايكروسوفت من هنا

منشورات ذات صلة