تمكين المطورين الشباب يرسم مسقبلاً مُشرقاً لعالمنا
أديثيان راجيش شاب في سن الرابعة عشرة لا تتوقف حدود همومه مثل بقية أقرانه في جميع أنحاء دبي ، الذين يتمحور تفكيرهم حول كيفية تحقيق التوازن السليم بين المدرسة والأنشطة الخارجية الأخرى ، بل تمتد حدود التفكير لديه للتأمل بالمشاكل التي تدور حول العالم من حوله. والأهم من ذلك أنه يفكر في كيفية خلق حلول واقعية لهذه المشاكل.
وقد أدرك أديثيان بعد اهتمامه بالبرمجة منذ سن مبكرة أن للمطورين الشباب دورًا حيويًا في المساعدة على حل العديد من أكبر تحديات المجتمعية.
وبالفعل نرى ذلك جلياً من خلال العديد من النماذج التي اتاحت لنا رؤية أثر هؤلاء الشباب ، وعلى سبيل المثال منصة التعلم Tangled”” التي أسسها الآلاف من الطلاب في جميع أنحاء العالم من أجل تبادل المعرفة والتعلم من بعضهم البعض.
قصة أديثيان هي شهادة وبرهان على ما يمكن تحقيقه عندما يتم تزويد العقول الشابة اللامعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا بالدعم اللازم والتقنية المناسبة.
وهذا هو السبب الذي يجعل مايكروسوفت تسعى جاهدة لتسهيل كل احتياجات المطورين الشباب عبر المنطقة ، حيث يمكن للأفراد الموهوبين استكشاف منتجات جديدة وإلهام بعضهم البعض.
وأكد أديثيان على أن خطوة انضمامهُ إلى مجتمعات مايكروسوفت الخاصة بالمطورين ساعدتهُ كثيراً في دفعه نحو الاتجاه الصحيح ، ومكنتهُ أيضاً من الوصول إلى الموارد المناسبة مثل منصة ”GitHub”.
وبالنظر إلى كون أديثيان واحداً من المطورين الموهوبين والملهمين في المنطقة، فإنه يدرك بأن الدعم الذي يحتاجه لاستكمال مسيرته لا يأتي فقط من مجتمعات المطورين، بل بصورة أكثر أهمية من شغفه المتمثل في تقديم الدعم للآخرين من خلال مشاركة معارفه ومهاراته معهم.
وفي ظل أهمية تعميم الإلهام ومشاركة الخبرات لتمكين المطورين، تحتفي مايكروسوفت بالمطورين الذين يحرصون على خدمة مجتمعاتهم من خلال تخصيص جائزة المحترف الأكثر قيمة (MVP) للخبراء الذين يعملون بصورة مستمرة على مشاركة خبراتهم وتجاربهم في مجال التقنيات الجديدة والمبتكرة مع نظرائهم من المطورين الشباب.
المساعدة في حل أكبر التحديات المجتمعية
أعادت جائحة كوفيد-19 تشكيل العالم بصورة لم يسبق لها مثيل، وفي إطار الحاجة للتعافي وإعادة البناء في المجالات الاقتصادية والاجتماعية للتكيف مع هذه التغييرات يأتي الدور المحوري للمطورين لقيادة هذه الجهود.
بدورهم يؤمن المطورون الذين يشكلون جزءاً من مجتمع محترفي مايكروسوفت الأكثر قيمة MVP بدورهم في إعادة إعمار العالم عقب الجائحة. في هذا السياق، يبذل مجتمع MVP جهوداً متواصلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال المطورين الذين يتحلون بالشغف والرغبة في التغيير. أسامة وهاب خان على سبيل المثال يعتقد أن الجائحة أتاحت له الفرصة لتقديم المساعدة للآخرين في إمارة دبي محل إقامته. وحول تجربته يقول أسامة:”كنت أقيم في شيكاغو بداعي العمل قبل أن يتم فرض إغلاق شامل في دبي جراء جائحة كوفيد-19 وقد تزامن ذلك مع عودتي إليها. تفرض طبيعة عملي كمطور عليّ أن أتوصل دائماً إلى إجابات”. أسامة توصل بالفعل إلى الإجابات، عندما قامت الشركة التي أسسها بتقديم خدمات اعتماد وتبني مجانية لـ Microsoft Teams”” في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي الواقع لا يقتصر دور المطورين البارزين على احداث فرقاً في المنطقة من خلال الحلول والخدمات فقط. بل يمتد دورهم إلى أكبر من ذلك عن طريق رعاية المواهب التقنية الشابة في جميع أنحاء المنطقة.
في قارة إفريقيا، ثمة نموذج آخر لأحد المحترفين الأكثر قيمة، الذين يمتلكون الشغف نفسه العابر للقارات والحدود لتمكين وإلهام المزيد من المطورين الشباب في المنطقة. جيرجانا يونغ تعمل باستمرار لتحقيق هدفها في جنوب إفريقيا، وقد ذكرت جيرجانا احدى تجاربها التي زادتها اصراراً لمواصلة مشوارها في هذا المجال حينما قالت “قبل بضع سنوات ذهبت إلى فعالية مدرسية ، حيث اجتمع مجموعة من الطلاب المتفوقين. وبسؤالنا لهم عما يرغبون بأن يكونوا ذات يوم ، قالوا “محاسبون” أو “محامون”. ولم يذكر أياً منهم بأنه يفكر في تطوير البرمجيات ، ويعود السبب في ذلك لأنهم لا يعرفون بالأساس ما هذا المجال”.
دعم المجتمع هو المفتاح
بالنسبة إلى صامويل أدراني وهو أحد محترفي مايكروسوفت الأكثر قيمة MVP ، المقيم حاليًا في غانا ، كان والده هو من بدأ حياته المهنية في تطوير البرمجيات. كان والد صامويل مدربًا للكرة الطائرة وأستاذًا في تكتيكات هذه الرياضة. كان يلعب في بطولة للأندية في إيطاليا ، وكان يشعر بالإحباط من الطريقة التي كانت تتشكل بها المسابقة ، وفي احدى الأيام لاحظ وجود شاشة تشبه التلفزيون في أرضية الميدان. وقد فوجئ لاحقاً عندما شاهد منافسوه يقومون بإدخال إحصائيات اللاعبين في نظام كان يحلل طريقة اللعب ، مما يساعدهم على اكتساب ميزة إضافية متطورة وفعالة.
بعد وقت قصير من عودته إلى المنزل ، أخبر صامويل بالصدفة والده عن دروس الكمبيوتر الجديدة في مدرسته. حينها أدرك والد صامويل أهمية تعلم ابنه للتكنولوجيا بعد أن ربط مدى قوتها بالرياضة التي يحبها ، ومنذ تلك اللحظة حصل صامويل على الدعم الكامل من والده ، سواء للدروس الإضافية أو لأي شيء آخر مطلوب للنجاح.
وعلى النقيض من ذلك ، قد يكون هذا المستوى من التشجيع نادراً أحياناً. إذ عانى مؤيد حتحوت الذي يعتبر أفضل محترفي مايكروسوفت الأكثر قيمة في إسرائيل من كمية المشاعر والتعليقات السلبية التي طالته من الناس عندما سمعوا لأول مرة بأنه مهتم بدراسة علوم الكمبيوتر، حيث أجمع أغلبيتهم وهم يتحدثون إليه بأنه من المحتمل ألا تكون هناك فرص عمل كافية متاحة.
لحسن الحظ ، بدأت الأمور تتغير منذ أن ترك المدرسة ، ويرجع الفضل في ذلك إلى أشخاص مؤثرين على شاكلة مؤيد ، جعلوا مهمتهم الرئيسية هي زيادة الوعي حول فرص العمل المتعلقة بالتكنولوجيا. وقد أكد مؤيد ضرورة تحفيز الطلاب من المراحل المبكرة حينما قال “أشجع الطلاب على أنه حتى لو لم يكن لديهم امتيازات جيدة على صعيد المواد الدراسية إلا أنهم يمكن أن يصبحوا مطورين إذا كانوا يحبون أجهزة الكمبيوتر. كل ما عليهم فقط هو الايمان بذلك”.
ببساطة لا يمكن الاستهانة بمدى تأثير وقوة الدعم المجتمعي.
وفي إطار ذكر مثال مجتمعي اضافي يؤكد قوة التأثير ، تمكن عمر فاروق جولاكوغلو ، وهو أحد محترفي مايكروسوفت الأكثر قيمة في تركيا ، من الوصول إلى أكثر من 150,000 شخص عن طريق دورات عبر الإنترنت تتعلق بتقنيات مايكروسوفت . ويعمل حالياً عمر مع شركة ”Turkcell” لإنشاء عروض توضيحية وورش عمل ومواد تعليمية مرتبطة بشكل وثيق بمايكروسوفت . ويأتي هذا التخصص لعمر بالتركيز على مايكروسوفت بعد أن شارك ونجح في مسابقات مثل كأس التخيل من مايكروسوفت ” ”Imagine Cup، ومن تلك اللحظة بات عمر يعلم جيداً مدى أهمية قيادة المبادرات التي تُعنى بتشجع وتطوير المهارات بين المطورين الشباب.
كما شدد مؤيد على الدور الفعال للمجتمعات المتخصصة في كونها وسيلة رائعة للوصول إلى أفكار جديدة ، مشيراً إلى أن منصات التكنولوجيا نفسها يمكن أن تساعد في توفير هذا المستوى من التعاون ، فعلى سبيل المثال تعمل المنصات التقنية مثل GitHub”” على تمكين المطورين بشكل أفضل ، وذلك من خلال اتاحتها جميع سُبل التعاون مع الآخرين من أجل حل ومعالجة المشكلات. ونوه مؤيد أيضاً على أنه بات بإمكاننا الوصول إلى البرمجة عن طريق مكتبة ”GitHub” ، وفهم كيفية عملها ثم تطبيقها على حلولنا الخاصة.
التكنولوجيا تساعد على إنشاء مطورين أفضل
صامويل أدراني ، أحد محترفي مايكروسوفت الأكثر قيمة في غانا ، متحمس لعرض إمكانية وقدرات التكنولوجيا عبر جميع مجتمعات قارة أفريقيا
وبنفس الطريقة التي يساهم فيها الاعتماد السريع للخدمات السحابية في الوصول إلى عالم التطوير بصورة جداً سهلة وبسيطة، تعمل كذلك بعض المنصات مثل ”Azure” على تسهيل حياة المطورين أكثر من أي وقت مضى ، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالسرعة التي يمكنهم بها مساعدة الشركات في إنشاء عروض جديدة.
وبهذا الصدد يقول أسامة عن مميزات منصة Azure” “إنها منصة تمتاز بأعلى معايير المرونة ، حيث تمكنا خلال فترة الجائحة من إعادة بناء أحد عملائنا وإنعاش نشاط عمله مجدداً باستخدام تطبيق متطور للتحليلات يحتاج إلى تلبية احتياجات 50,000 مستخدم. وفي الحقيقة تمكنا من خلال استخدام منصات ”Power BI” و “Azure” من تصميم التطبيق بشكل كامل من مرحلة الصفر في غضون ثلاثة أيام ، الأمر الذي كان يستغرق شهورًا في الماضي “.
ولكن بقدر ما أتاح تصميم الأفراد والتقدم التكنولوجي نموًا كبيرًا في تطوير البرمجيات كمهنة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ، لا تزال هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها. وبهذا الشأن يقول صامويل “للاستفادة من قدرات الاتصال السحابي ، نحتاج إلى الوصول للإنترنت ، وهو ما لا يتوفر لدى العديد من الأشخاص في أفريقيا”.
قد بدأ هذا العام مشروعًا يسمى “Tech on Wheels” ، وهو عبارة عن مختبر كمبيوتر محمول مليء بالطابعات ثلاثية الأبعاد ، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ، وأجهزة مايكروسوفت “”HoloLens ، وما إلى ذلك. الفكرة هي أنها ستنتقل من مجتمع إلى مجتمع لتعريف الناس بإمكانيات التكنولوجيا.
إنها قضية تتطلب اهتماماً كبيراً من المنطقة بأكملها – خاصة وأن العالم يواصل محاربة التحديات الجديدة التي فرضتها تداعيات أزمة كوفيد-19.
ويقول أديثيان إنه يريد إنشاء منتجات تجعل حياة الناس أفضل وأسهل. وبالنسبة إلى مايكروسوفت، يعد دعم هؤلاء الأفراد الرائعين أمراً أساسياً للمساعدة في حل بعض أكبر التحديات التي تواجهها المنطقة ، سواء كان ذلك من خلال توفير الأدوات المناسبة أو عبر خلق فرص مناسبة لمشاركة وتبادل المعرفة.