كيف وظّفت شركة طيران سعودية قدرات الذكاء الاصطناعي وأدوات تطوير التطبيقات منخفضة التعليمات لتعزيز تجربة السفر وجعلتها أسهل وأكثر سلاسة
تعتمد الخطوط السعودية، وهي الناقل الوطني للمملكة العربية السعودية، على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وأدوات تطوير التطبيقات منخفضة التعليمات لتعزيز تجربة السفر وجعلها أسهل وأكثر سلاسة وذلك ضمن مسيرة تحوّل تساهم بدعم أهداف المملكة المتمثلة في تعزيز قطاع السياحة من جهة وأن تصبح رائدة عالميا في مجال الطيران من جهة أخرى.
إن أحد الأقسام الخلفية والخدمات الأرضية التي تعمل السعودية على تحفيز التحول فيها هو إقلاع الرحلات. حيث كان المشرفون في الخطوط السعودية، وحتى وقت قريب، يتتبعون أداء الطواقم الأرضية بالطريقة التقليدية. فكانوا يدونون على الورق الملاحظات حول الالتزام بمواعيد فتح البوابات ومقدار الوقت الذي يستغرقه صعود الركاب، ويرسلون التقارير عبر البريد الإلكتروني، الأمر الذي قد يؤدي إلى ملء صناديق البريد الوارد حيث يتم ارسال أكثر من 100رسالة في اليوم، مما جعل مراقبة المهام ومعرفة سبل تحسينها عمل شاق وصعّب.
عندما قررت شركة الطيران تطوير تطبيق جديد لرقمنة هذه العملية، استعانت بموظفة في بداية حياتها المهنية. وكانت سناء نوروالي، أخصائية التحليلات التي تعمل عادة على لوحة معلومات الإيرادات، تتمتع ببعض مهارات البرمجة ولكن لم يسبق لها أن قامت بتطوير تطبيق، فانتهزت الفرصة لمساعدة المشرفين على رفع مستوى كفاءة العمل.
تطبيق قامت بتطويره موظفة في الخطوط السعودية لتمكين الشركة من إدارة عملية مغادرة الرحلات. تصوير: مؤيد المزين لصالح مايكروسوفت
من خلال استخدام منصة Power من مايكروسوفت، وهي مجموعة أدوات تقنية لتمكين “المطورين المواطنين” الذين لديهم خبرة قليلة أو ليس لديهم خبرة على الاطلاق في الترميز والتطوير، تمكّنت نوروالي، وفي وقت قصير، من تقديم تطبيق للأجهزة الذكية سهل الاستخدام يساعد حاليًا موظفي السعودية على توفير الوقت من خلال استكشاف الأخطاء التي تسبب تأخير الرحلات والاطلاع على تعليقات الضيوف بسهولة أكبر، كل ذلك أثناء إدارة تسيير آلاف المسافرين المغادرين من مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، المملكة العربية السعودية.
وأضافت نوروالي “بحسب ما قاله لي المشرفون فإن التطبيق يساعدهم على تحديد الجوانب التي تحتاج التطوير والتحسين.”
وقال عبد القادر عطية، مدير قسم البيانات في الخطوط السعودية “إن التطبيق هو مثال على جهود السعودية للتحول الرقمي والتي تضم تطوير مساعد سفر افتراضي إلى تسهيل سير العمليات باستخدام خدمات Azure السحابية ومنصة Power. وتتضمن مسيرة تحوّل السعودية، استراتيجية تغيير العلامة التجارية باعتماد ألوان جديدة وزي موحد وخطط توسيع نطاق أسطولها المؤلف من 140 طائرة وخدماتها إلى أكثر من 100 وجهة حول العالم.”
وأضاف عطية: “السبب الرئيسي لتحوّلنا الرقمي هو تعزيز التزامنا بتقديم أفضل تجارب السفر للضيوف، حيث أن تجربة الضيوف هي الدافع الأبرز فيه.”
كما قامت الشركة، قبل بضعة أسابيع، بالإعلان عن مساعد افتراضي لتمكين الضيوف من إتمام جميع إجراءات الحجز والطيران باستخدام قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي بطريقتي الدردشة الكتابية والصوتية. وأوضح عطية أن ضيوف السعودية سيتمكنون من طلب أفكار وخيارات للسفر – مثل رحلة عائلية بميزانية محددة في أوروبا مع خاصية وجود جبال ودرجة حرارة 20 درجة مئوية – وسيقدم التطبيق الاقتراحات عن الأماكن والرحلات الجوية في تجربة سلسة وفريدة. وسيكون بإمكان التطبيق المقرر إطلاقه نهاية هذا العام أن يتعرّف على الضيوف وتحويلهم مباشرة بوكيل خدمة إذا لزم الأمر.
عبد القادر عطية، مدير قسم البيانات في الخطوط السعودية. تصوير: مؤيد المزين لصالح مايكروسوفت
وقال “وبذلك يمكن لكل شخص أن يكون لديه مساعده الشخصي لتخطيط رحلاته بحسب متطلباته الخاصة،”
واضاف عطية “من خلال تبني منصة Power ، عزّزت السعودية الابتكار بين الموظفين الذين قاموا بتطوير آلاف الحلول والتطبيقات باستخدام أدوات تطوير التطبيقات منخفضة التعليمات البرمجية (low-code)/بدون رموز (no-code) لتحسين سير الأعمال والعمليات. وتعتبر بعض هذه الحلول من أكثر 10 تطبيقات استخداما للشركة”.
يوفّر التطبيق الذي طوّرته نوروالي مشرفي الرحلات المغادرة قائمة مرجعية رقمية تساعدهم على تتبع المهام بشكل أكثر كفاءة واتساقا. كما أنه يربط البيانات الموجودة في تقاريرهم بلوحة معلومات Power BI للحصول على عرض واضح ومسجل حول الحوادث والانماط. مما يساعد ذلك المديرين على تحليل تقارير الرحلات بدلا من البحث في رسائل البريد الإلكتروني والبرامج المختلفة.
ومن جهته، قال مؤيد المزين، المشرف على عملية تطوير النظام الجديد “عندما تسمح لنا فرصة استخدام وقتنا بطريقة أكثر فاعلية، يمكننا حينها التركيز على الأمور المهمة التي ربما تم تخطيها بسبب ضغط العمل الروتيني. وهدفنا الرئيسي هو تجربة الضيف.”
وبالنسبة لنوروالي، شكّل تطوير التطبيق طريقة ممتعة للمساهمة في مسيرة تحوّل السعودية. واستمتعت نوروالي بالعمل مع مشرفي المطارات حيث تعرّفت على التحديات التي يواجهونها مما ساعدها على تطوير أداة تساعد في تسهيل مهامهم. وقد علمت منذ ذلك الحين أن المشرفين في قسم وصول الرحلات والأمتعة يريدون تطبيقا مشابها.
كما أوضحت أن أدوات تطوير التطبيقات والأتمتة في منصة Power من مايكروسوفت عززت حبها للإبداع وحل المشكلات، وهي تخطط لمواصلة تطوير المزيد من الحلول التكنولوجية التي تساعد زملائها في العمل.
قالت: “استمتع في تطوير البرامج لأنه يمكنني من إيجاد الحلول لمشكلات تواجهنا والتأثير بشكل إيجابي في المجتمع ، وهذا الشيء يسعدني كثيرًا”.
الصورة في أعلى الصفحة: سناء نوروالي، أخصائية التحليلات في الخطوط السعودية، والتي قامت بتطوير تطبيق للمساعدة في تتبع عملية مغادرة الرحلات.
تصوير: مؤيد المزين لصالح مايكروسوفت