بقلم لانا خلف، المدير العام، مايكروسوفت قطر
“مجتمع متقدم قادر على تحقيق التنمية المستدامة بهدف توفير مستوى معيشة مرتفع لجميع المواطنين” هذا هو جوهر رؤية قطر 2030 النابعة من إرادة القيادة الرشيدة ونظرتها الثاقبة لقطر المستقبل. وبينما نحتفل بمناسبة اليوم الوطني، دعونا نلقي نظرة على ما تحقق خلال العام الفائت وما مدى تأثيره على مسيرة هذه الرؤية الطموحة. ليس من المبالغ فيه وصف عام 2023 بأنه “عام الذكاء الاصطناعي”، حيث أصبحت هذه التقنيات المتقدمة حديث الناس – من مائدة الطعام حتى طاولة الاجتماعات. ولا عجب في ذلك حيث أن الذكاء الاصطناعي قد أثبت قدراته مرارا وتكرارا بمختلف القطاعات وفي جميع أنحاء العالم، وكان الختام مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية التي أبهرت عقولنا وأثرت مخيلاتنا لتؤكد أن الذكاء الاصطناعي جزءٌ لا يتجزأ من مستقبلنا.
وفي مسيرة الذكاء الاصطناعي، تلعب قطر دور المنارة في المنطقة حيث اجتازت مراحل استثنائية وحققت إنجازات هائلة وخلقت فرصًا جديدة لا حصر لها. وكانت البداية مع إطلاق “الاستراتيجية الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي” في 2019 والتي شكّلت خارطة طريق لتبني الذكاء الاصطناعي وتطوير تطبيقاته، وتأمين مستقبل قطر من خلال إعداد مجتمع قادر على توظيف هذه التقنية بفاعلية تماشيًا مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030. وهذا ما تسعى إليه وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال جهودها المستمرة لبناء بيئة مشجعة للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وما أثمر عنها من فرص نمو غير مسبوقة. فبحسب الأبحاث، من المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي في قطر بنسبة 17.4٪ سنويا ليصل إلى حوالي 58.8 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2026.
وخلال رحلة التحول هذه، إلتزمت مايكروسوفت بدورها كشريك استراتيجي لدولة قطر فتعاونت مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لدفع مسيرة الوصول بقطر لتكون مركزا إقليميا في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي – وهو التزام يتماشى مع مهمتنا المتمثلة في تمكين كل فرد ومؤسسة من الابتكار في العصر الرقمي، وتحقيق المزيد من الأهداف. ونعمل في مايكروسوفت على تسهيل وصول المؤسسات القطرية من مختلف الأحجام وفي كافة القطاعات إلى أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مثل حلول مايكروسوفت للذكاء الاصطناعي وحلول Azure للذكاء الاصطناعي وحلول Azure OpenAI وتجارب المساعد الافتراضي Copilot. وهنالك العديد من المؤسسات في جميع أنحاء البلاد التي تستفيد من أحدث ابتكاراتنا في مجال الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية وزيادة الكفاءة وتعزيز الأمن وخفض التكاليف ودفع الابتكار – وهذه بعض الأمثلة…
تجارب استثائية للمستخدمين
تصدّر حكومي لائحة المؤسسات الحكومية في المنطقة التي بادرت باستخدام قدرات GPT من خلال حلول Azure OpenAI مما يتيح للجهات الحكومية الاستفادة من نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتعزيز تجربة المستخدمين وتقديم أفضل الخدمات الحكومية. وبناء على نجاحها في توظيف الحوسبة السحابية وقدرات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات لتقديم تجربة استثنائية خلال كأس العالم FIFA قطر 2022، تطورت منصة هيّا من دورها المركزي خلال البطولة لدعم البلاد لتصبح وجهة للسياحة ومركزًا الفعاليات العالمية. ومن جهتها توظف مؤسسة قطر قدرات الذكاء الاصطناعي للخدمات المعرفية على منصة مايكروسوفت أزور لتصميم وبناء روبوت الدردشة “بوتينة” والذي يتحدّث باللغتين العربية والإنجليزية. كما تستخدم وكالة ترويج الاستثمار في قطر قدرات GPT من خلال حلول Azure OpenAI في روبوت الدردشة Ai.SHA لتقديم تجربة استثنائية للمستثمرين محليًا وعالميًا.
قرارات أفضل وأسرع
من بعض الفوائد اللامتناهية التي يقدّمها الذكاء الاصطناعي على الصعيد المجتمعي والتجاري والاقتصادي، هي تمكين أصحاب القرار من القدرة على اتخاذ قرارات بشكل أفضل وأسرع بفضل الرؤى القابلة للتنفيذ. وقد بادرت وزارة العمل القطرية بالاستفادة من هذه القدرات لبناء نموذج يسمح جميع للجهات الحكومية من الوصول إلى رؤى لتسهيل اتخاذ قرارات صائبة بشأن التنمية المستدامة.
تسريع الاستدامة
دعمًا للجهود والمبادرات الوطنية في مجال التغيرّ المناخي بما يتماشى مع استراتيجية قطر للبيئة والتغير المناخي، تشارك مايكروسوفت في معرض إكسبو2023 قطر للبستنة كوننا الراعي التكنولوجي الحصري، حيث نعرض أحدث ابتكاراتنا في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي والتي نقدّمها لمساعدة المؤسسات في قطر لتحديد وتنفيذ أهداف الاستدامة الخاصة بها، مع تحقيق المزيد من التنمية والابتكار.
تحفيز البحث العلمي والابتكار
يساهم الذكاء الاصطناعي بتمكين المؤسسات من إعادة ابتكار أعمالها. ولذلك يوظّف متحف قطر الوطني الذكاء الاصطناعي في تقديم NMoQ Explorer المتحف الافتراضي ليفتح أبوابه أمام الجمهور المحلي والعالمي ويقدّم لهم منصة إفتراضية للمشاركة والتعلم.
رؤية ثاقبة… خطى واثقة
بالنظر إلى تأثير الذكاء الاصطناعي – من خلال قدرته على التحويل والتحسين والتمكين، نرى جليًا إلتزام قطر بالتقدم التكنولوجي والريادة في مستقبل رقمي بامتياز. وبينما نحتفل بمناسبة اليوم الوطني لدولة قطر بما تم إنجازه، يتعيّن علينا أن ندرك أن ما تم ذكره هنا ما هي إلا بعض الأمثلة عما حققته البلاد في هذا المجال – من معالجة التحديات المجتمعية الأكثر إلحاحًا والنهوض بالاقتصاد الرقمي للبلاد.
وبطبيعة الحال، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به، بدءًا من التعاون بين المؤسسات الخاصة، التقنية وغير التقنية، والمؤسسات التعليمية – المراحل الثانوية حتى الدراسات العليا – لبناء قدرات رقمية وطنية ومحلية ذات مهارات عالية تقود اقتصاد البلاد في مستقبل الذكاء الاصطناعي. وذلك دعمًا للجهود الوطنية المستمرة، حيث تم إطلاق برنامج بناء القدرات الرقمية، بالشراكة بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومايكروسوفت، في عام 2022 لتزويد 50,000 شخص بمهارات رقمية متقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، تم تدريب أكثر من 30,000 شخص.
وفي قطر، سيكون الذكاء الاصطناعي أداة لتحقيق المزيد من الطموحات والازدهار – خلق فرص عمل جديدة وتعزيز قدرة البلاد التنافسية الدولية. وستعزز قطر مركزها الرائد إقليميا وعالميا من خلال مؤسساتها البحثية المرموقة وروح المبادرة الشغوفة والتزام البلاد الثابت بالتحوّل الرقمي وتحقيق رؤيتها الثاقبة.
منا جميعا في مايكروسوفت، نتمنى لقطر – قيادةً وحكومةً وشعبًا – يومًا وطنيًا سعيدًا!